إنه مشروع العام الهجري الجديد، وهو حلم يراوضني منذ سنوات، وآن الأوان أن أعلن عنه بعد أن وجدت ضالتي المنشودة. فكل مشروع له نواة وهذه النواة غالبا ما تكون في الأصل مشكلة يعاني منها طائفة معينة من الناس، ثم بفضل الله يفتح على من يشاء من عباده وييسر له السبل ويسخر له الأشياء، ويسوق إليه من يعينه أو يدفعه لتنفيذ مشروعه بغية حل مشكلة ما.
نبذة قصيرة
يطبع المصحف الشريف بطريقة برايل في ستة مجلدات من القطع الكبير لكي يتمكن أي كفيف دارس لطريقة برايل النقطية من قراءته. ولما أقرت اللجان المختصة بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر، ومثيلاتها في شتى بلدان العالم الإسلامي طباعة المصحف الشريف بالخط الإملائي البارز، قامت كبرى المؤسسات التي تعنى بنشر الكتب البارزة مثل المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين، ومطابع خادم الحرمين الشريفين، بحمل رسالة جليلة تتمثل في طباعة المصحف الشريف بطريقة برايل بخط إملائي مضبوط بالشكل، أي بوضع العلامات التشكيلية من فتح وضم وكسر وتسكين وغيرها من العلامات التشكيلية العربية بخط بارز سهل المراس.
عرض المشكلة
لمّا كان المصحف البارز يطبع في ستة مجلدات كبيرة الحجم، كان من الصعب على أي كفيف تحمل مشقلة اصطحابه في الطرقات والائتناس به رفيقً غاليً، ذلك لتعثر الكفيف في ذهابه وإيابه أصلا بسبب قلة الوعي الاجتماعي في بلاد المسلمين! بل وصعوبة الاستعانة بالمصحف الشريف أيضا في قراءة القرآن أثناء تأدية ركعات التطوع. فاكتفى بعض المحبين لكتاب الله أن يصطحبوا مجلدا واحدا بدلا من حمل المجلدات الست، فمن ذا الذي سيقرأ القرآن كله دفعة واحدة خلال ساعات خروجه من المنزل؟ ولم يبخل المكفوفون بدفع مصروفات إضافية لشركات الطيران لاصطحاب المصحف الشريف أثناء سفراتهم البعيدة لما للمجلدات المطبوعة من وزن! ومن المكفوفين من تفتر همته، ومنهم من يستعين بذاكرته لتلاوة القرآن، ومنهم من يتكلف شراء أكثر من نسخة ووضعها في الأماكن التي يتردد عليها، ومنهم من يقف أمام تلك المشكلة حائرا تائها لا يدري كيف يتصرف لاصطحاب المجلدات الست.
بارقة أمل
وما أن ظهرت الهواتف المحمولة بإمكانياتها الرقمية الكبيرة، ومشغلات MP3 وبدائلها الكفية المسموعة، حتى هرع المكفوفون إليها، وعكفوا على انتقاء التسجيلات الصوتية النقية ونقلها إلى هذه الأجهزة الكفية التي تُيسر لهم الاستماع إلى أي من آيِ الذكر الحكيمِ أينما ذهبوا. فتخلَّى المكفوفون عن ثقافة القراءة البارزة ورضوا بثقافة الاستماع بما فيها من سلبيات!
سلبيات استعمال الأدوات الكفية المسموعة
برغم الإمكانيات الهائلة التي تقدمها الأجهزة الكفية، إلا أن الاستماع إلى القرآن الكريم من خلالها له سلبيات لا يمكن التغاضي عنها بالنسبة للكفيف، منها:
- صعوبة التحرك فيما بين الآيات والأرباع والسور والأجزاء بسلاسة كما هو الحال في الكتابة البارزة،
- خطورة الانتباه للمصحف المسموع في المواصلات العامة نظرا لاعتماد الكفيف في المقام الأول على أُذنيْه لمعرفة من يكلمه أو لتحديد وجهته التي سيذهب إليها،
- صعوبة الاستماع للمسموع في الأماكن العامة وفي الضوضاء،
- التسبب في التشويش الصوتي على الآخرين في الأماكن العامة هادئة الطابع مثل المكتبات والمساجد،
- الالتزام بسرعة قراءة القارئ مما يبعث أحيانا على قلة التدبر،
- إرهاق حاسة السمع في إدراك كل شيء وإهمال حاسة اللمس مما قد يؤدي إلى تراجع قدراتها.
وغيرها من السلبيات التي يواجهها المكفوفون عند استخدام الأدوات الناطقة والمسموعة.
حل مثالي
قامت بعض الشركات المنتجة للأدوات المساعدة للمكفوفين بتصنيع وبيع ما يسمى بالأسطر الإلكترونية والشاشات المرنة. والأسطر الإلكترونية البارزة إنما تستقبل النصوص كتابة أو عبر الحاسوب أو أي مكون إلكتروني مماثل، ثم إخراجها على هيئة كتابة بارزة على سطر آلي ينبض بالمعلومات طبقا لما يُلقَّن، وهذا النوع من الأدوات يواكب التقنيات الحديثة فيمكن توصيله بهاتفك المحمول عن طريق البلوتوث أو مستقبل الأشعة تحت الحمراء (infra red)، كما يحتوي السطر الإلكتروني على مخرج (USB) ومخارج أخرى تسمح بالتواصل مع شاشات العرض الضخمة التي تستعمل في المحاضرات والعروض التقديمية. فبات الحديث عن أسعار هذه التقنيات غصة في حلق المكفوفين العرب فهي تتكلف آلاف الدولارات! ولكن: لماذا لا يكون هناك مصحف كفّي بارز يستطيع الكفيف من خلاله قراءة المصحف الشريف أينما ذهب من غير ضوضاء أو الاستعانة به لصغر حجمه لقراءة القرآن أثناء تأدية الصلاة التطوعية؟ كانت هذه الأسئلة وغيرها من أسئلة تقنية وتسويقية واقتصادية ترد إلى ذهني بين الحين والآخر، حتى أن توصلت لمحاولة ناجحة (إن شاء الله) لتصنيع هذا المصحف الكفي البارز محليا.
يساعد المصحف الكفي البارز حامله على قراءة القرآن في أي مكان بطريقة برايل من غير عناء، فهو خفيف الوزن وصغير الحجم. ولتجنب التكلفة الباهظة التي يتم تصميم هذا النوع من الأدوات بها، قمت بتصميم المصحف الكفي البارز من غير إضافات إلكترونية معقدة للتواصل مع الأجهزة الأخرى، فلا يحتوي على بلوتوث أو مخرج (USB) ولا حتى أي نوع من أنواع المدخلات التقليدية، وهذا إنما يقلل تكلفة إنتاجه من جهة، ويساعد على تأمين النص القرآني من الفيروسات وغيرها من البرمجيات الضارة. وقبل الشروع في نشر المصحف بين محبي كتاب الله العزيز، ننشر لحضراتكم استطلاعا للرأي يتعلق بأفضل سبل تصفحه، فهل من الأيسر على القارئ الكفيف استعمال مفاتيح للانتقال ما بين الآيات والسور والأجزاء وما إلى ذلك؟ أم من الأيسر بالنسبة له أن يختار ما شاء من آيات القرآن من خلال قائمة تشبه إلى حد كبير قائمة عناصر التليفون المحمول؟ أم أن الطريقتين متساويتين في السهولة عند تصفح المصحف الشريف؟
نهيب بحضراتكم الانتقال إلى الجدول الموجود في أسفل الصفحة والإجابة عن استطلاع الرأي الذي سيساعدنا في تقديم أفضل خدمة ممكنة لقراء القرآن الكريم من المكفوفين.